انستجرام

سينما

أسرار منة شلبى على لسان جيرانها

منة شلبي
منة شلبي

تألق منة شلبى يخفى وراءه قصة نجاح ، وكما يقول المصريون “أن الكتكوت الفصيح يطلع من البيضة يصيح ” لذلك بدأت البحث عن المكان الذى نشأت فيه الفنانة ، لأعرف كيف تشكلت لديها روح الفن ووجدت أقصوصة صغيرة قد دونها المؤرخ الفنى اللبنانى خالد بطراوى، يؤكد من خلالها أن منة من سكان منيل الروضة، مشيرا إلى تاريخ ميلادها والاسم الحقيقى لوالدتها ،إلا أن انتقال الفنانة الشابة للعيش فى المهندسين قد صعب المهمة ،وكان يجب الرجوع لأهالى المنيل ، من خلال الانترنت ،والذين وجهوا الدعوة لمجلة “كلام الناس” لزيارة شارع عبد الهادى بالمنيل ،الذى عاشت به الفنانة الشابة فترة طفولتها وصباها ،وصارت “نوارة” فى دنيا النجوم ، وكان علينا أن نخوض المغامرة لنتعرف على أخطر السنوات التى شكلت وجدان الفنانة ،وانطلقت منها إلى عالم الشهرة.

%d8%b4%d8%a7%d8%b1%d8%b9-%d9%85%d9%86%d8%a9-%d8%b4%d9%84%d8%a8%d9%89
العمارة التى نشأت فيها الفنانة بشارع عبد الهادى بالمنيل

“منة وعلينا”
فى شارع عبد الهادى … الهادئ نسبيا بمنيل الروضة الذى عاشت به النجمة المحبوبة ، التقينا فى البداية بالحاج “محمود” وهو الشخصية الأكثر الماما بتاريخ الحى ،لأنه الأكبر سنا ،وقد عاصر عدة أجيال ،مشيرا إلى أن منة شلبى نبتت فى حى منيل الروضة ،ونشأت فى ظل عراقة الفن ،وذكريات الزمن الجميل، ،حيث القصور الملكية ،وبيوت الفنانين .

وتحدث معنا الحاج “محمود” عن عراقة المكان مؤكدا أن منة شلبى ووالدتها زيزى مصطفى ليستا وحدهما من سكنا المنيل من الفنانين ، بل أراد أن يأخذنا فى رحلة إلى الزمن الجميل ،قائلا إنه رأى الفنان الراحل عبد الحليم حافظ ،وهو ينزل من مسكنه ممكسا طبقا ليشترى به الفول فى الصباح الباكر ،و كان يمسك فى اليد الأخرى عملة معدنية ،وطوال مشيه يوقع اللحن بالعملة على ظهر الطبق .

وسألت الحاج محمود عن المشاهير الذين سكنوا منيل الروضة فقال :”  سكن حي المنيل العديد من الشخصيات الشهيرة من أدباء وسياسين وفنانين وأشهرهم الرئيس ا?سبق محمد أنور السادات وأسرته، وأم كلثوم والتى بنى لها المهندس حسين فهمى عمارة خصيصا ،عاشت بها فترة ،ثم تركتها لأنها كانت تريد أت تكون العمارة تقع مباشرة على النيل” .

%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%a7%d8%ac-%d9%85%d8%ad%d9%85%d9%88%d8%af
الحاج “محمود” الشخصية الأكثر الماما بتاريخ الحى

وأضاف أن من سكان منيل الروضة أيضا الاذاعى الراحل طاهر أبوزيد ،والذى كان يقدم برنامج من أقوال الشعوب بالاذاعة ، وقد التقى بى بعد رجوعى من سيناء فى السبعينيات ،وسألنى عن طبيعة المكان على الجبهة ،وقلت له إن سيناء معروفة بجبالها لكن جبال سيناء “حنينة “على المصريين ” ،وفوجئت به يدون هذه المقولة لتقديمها فى برنامجه قائلا :”انا بتاع برنامج من أقوال الشعوب” .

والتقط المهندس “هشام” أطراف الحديث مشيرا إلى أن هناك نجوم كثيرين عاشوا فى منيل الروضة ، بل إن العمارة التى تسكن فيها زيزى مصطفى ومنة شلبى تسكن فيها أيضا الفنانة صابرين ،وأن هناك جيرة تجمع بين النجمتين ، وعلى مقربة من هذا البرج الذى يرتفع لأكثر من عشرين دورا كان يعيش الفنان الراحل كمال الشناوى، والفنان الراحل أيضا غسان مطر، ووالفنانة تيسير فهمى ،وكريمة مختار تعيش مع أسرتها بالقرب من محطة “الباشا أشهر محطات المنيل .

img_0208

مجنون منة شلبى

أكد أهالى شارع عبد الهادى ،ومنهم “خالد ” صاحب ورشة لاصلاح السيارات أنه لا توجد مائدة رمضانية باسم منة شلبى ،لأن الشارع يتكون من عدد محدود من البيوت ،ومن يقف أوله يرى أخره ،وليس من المعقول أن يتم ذلك دون أن ينتبه إليه الناس .

وكانت بعض الشائعات قد روجت لحكايات حول قيام منة شلبى بعمل مائدة تشرف عليها والدتها ، إلا أن أهالى المنطقة التى تسكن فيها قالوا إن هذا الأمر غير صحيح ،وأن ذلك لا ينفى قيامها ببعض الأعمال الخيرية ،حيث تقوم بتوزيع بطاطين على الفقراء مع برد الشتاء ، وتساعد المحتاجين دون أن تكشف ذلك لوسائل الاعلام ،وهى تأتى إلى شقة والدتها كل فترة ،ولم تنقطع عن المكان الذى نشات وتربت فيه ، وقال أحد الاطفال البالغين إنها شخصية محترمة لأنها منحته خمسة جنيهات بعد أن تظاهر بمسح زجاج سيارتها ،معربا عن سعادته بفوزها بجائزة أفضل ممثلة ، ويرى أنها تستحق النجاح.

بينما أكدت فتاة تسكن فى أول شارع عبد الهادى أن منة شلبى كانت تسكن فى العمارة رقم 11 ، وبها الشقة التى عاشت بها الفنانة طفولتها ، وأجمل سنوات عمرها ، قبل أن تغادرها لتعيش فى المهندسين .

وأضافت إن منة رفضت والدة منة أن تترك بيتها ،وتنتقل مع ابنتها ،مؤكدة أن الفنانة ووالدتها زيزى مصطفى ليست لديهما اختلاط بأهالى المنطقة ،بل هم فى حالهم ،ويعيشون فى انعزال تام .

أما والد منة فهو رجل الأعمال هشام شلبي الذى يقيم فى الخارج بشكل شبه دائم، وتذهب ابنته لزيارته والاطمئنان عليه ،وخاصة بعد أن أجرى بعض العمليات الجراحية في قلبه ، فكانت وقتها دائمة الإقامة معه.

وأضافت أن منة شلبى عاشت بيننا ،وكانت شخصية عادية ،وقد ساعدها تركيزها وطموحها وثقتها بنفسها على تحقيق النجاح ، طالبة منى أن أطلب من بواب العمارة لقاء الفنانة زيزى مصطفى ،والتى مازالت تعيش هناك، وبالفعل قابلت حارس العقارواسمه “مرشدى” ،وقد اتصل بالفنانة الأم “زيزى مصطفى” من هاتفه ،وبعد أن دار حديث التعارف بيننا ، شعرت أنها قلقة شيئا ما ،لكنها عبرت عن امتنانها باسناد الفضل لها بالنسبة لنجاح ابنتها ، وانتهى الحديث القصير ،لنواصل رحلتنا فى أرجاء المكان ،ولم يفوتنى أن أسأل عن سبب قلق زيزى مصطفى من الغرباء ، لأتعرف عن قرب على حكاية أخرى هى حكاية مجنون منة شلبى ،والتى رواها لى بواب العمارة المجاورة ،وقال لى إنه شاب سودانى ومن عائلة محترمة ،لكنه كان مغرما بالفنانة ،ويصر على مطاردتها حتى تم الابلاغ عنه فى قسم الشرطة ،وحكايته معروفة ،لأن حلم حياته هو الزواج من النجمة الشابة ، ولكنه لم يعد يظهر هذه الأيام .

3

والأغرب من ذلك أنها كانت تحب دراسة التاريخ والجغرافيا والمواد التى فيها نوع من الابداع والتخيل ،بينما تكره دراسة الرياضيات والعلوم ،والكيمياء،وكانت تختار الايام التى بها هذه المواد، وتدعى المرض،لتتهرب من الحسابات،بل أنها كانت تعانى من الكسوف والخجل الشديد، قبل أن تدخل مجال التمثيل،وقد تغير ذلك تماما بعد مواجهة الكاميرا.

قدمت منة شلبى فى معهد الفنون المسرحية دون أن يعلم أحد بأن والدتها هى الفنانة يزى مصطفى ،وطلبت من والدتها ذلك ،حتى تتمكن من النجاح فى صمت أو الفشل فى صمت .

وقدمت منة بعد المرحلة الثانوية فى جامعة سيتى يونيفرستى فى الدقى ، وجاءتها فكرة الدخول إلى دراسة الفن بمعهد الفنون المسرحية بسبب الحاح والدتها ،ومن باب التسلية أيضا وقد دربها د.أشرف زكى نقيب الفنانين المصريين الحالى، عندما كان مدرسا بالمعهد ،ومنحها تذكرة المرور إلى هذا العالم من خلال أدائها لمشهدين ،أولهما شخصية هند فى مأساة “جميلة بوحريد” ،والثانى دور شفيقة فى ملحمة “شفيقة ومتولى ،وطلعت فى المركز الثانى على الدفعة ،مما شكل مفاجاة مبهرة بالنسبة لها ، حيث ادركت أنها موهوبة ،وتستحق أن تبدأ مشوارالتمثيل .

ولا يعرف أحد أن محمود عبد العزيز يعد الأب الروحى لها بحكم العلاقة الأسرية ،حيث كان متزوجا من والدتها زيزى مصطفى بعقد زواج عرفى ، لفترة قبل أن ينفصلا .

وأشار المصدر إلى إن كلمة السر فى نجاح منة هو “الساحر”محمود عبد العزيز الذى رشحها للدورفى فيلم يحمل نفس الاسم ، هو وزوجته الاعلامية بوسى شلبى ، وبالفعل تقدمت للمخرج الراحل رضوان الكاشف ،وكانت سنها 16 سنة ، وكان المخرج يريد فتاة جسمها أكبر من سنها وتتمتع ببراءة الوجه ، وبعد أخذ ورد قرر أن تخضع لفترة تدريب على يد المخرج ومساعدته كاملة أبو ذكرى وشادى الرملى ابن المؤلف المسرحى لينين الرملى،وبعد فيلم “الساحر” دخلت منة فيلم “بحب السيما” ، وانطلقت عجلة الشهرة ،وقال عنها النقاد إنها “جابت من الآخر” لأنها بدأت أول أدوارها بشخصية جريئة ،بينما تنتظر النجمات لسنوات ،حتى تقدمن على هذه الخطوة .

العلامة الفارقة

بعد حديث البدايات عن منة شلبى يمكن أن أقول أن نجاحها لم يكن صدفة ،بل إن العلامة الفارقة في شوارها الفنى بالاضافة للسينما كان مسلسل “أين قلبي” الذي قدمته مع الفنانة يسرا ومي عز الدين وعبلة كامل،وحسن حسنى كما شاركت في أفلام خفيفة مثل “أوعى وشك” و”كلّم ماما”، ولكن كانت النقلة مع” أحلى الأوقات “مع هالة خليل، وأفلام خالد يوسف فى الأدوار الصعبة “أنت عمري” و”ويجا” حيث قدمت أدواراً مركبة، بل إن فيلم “ويجا” كان الأصعب وأجهدها كثيراً، كما كانت النقلة الأخرى مع المخرج محمد خان في فيلم “بنات وسط البلد”، وأيضاً مع المخرج يوسف شاهين “هي فوضى”، ونالت منة جائزة مهرجان دبى السينمائى عن فيلم “نوارة”مع المخرجة هالة خليل وأمام الفنان محمود حميدة .

فنانة من يومها

التقينا أيضا علاء خليل الشهير بعلاء كاتى صاحب أشهر محلات الكاسيت فى منيل الروضة قبل أن يغير النشاط من مكان يلتقى فيه النجوم إلى مطعم للوجبات الجاهزة ، بعد أن انتهت صناعة الكاسيت ،ودخلنا عصر “السيديهات”.

%d8%b9%d9%84%d8%a7%d8%a1-%d8%ae%d9%84%d9%8a%d9%84
علاء خليل الشهير بعلاء كاتى صاحب أشهر محلات الكاسيت فى منيل الروضة

يقول علاء خليل إن منة شلبى تعيش فى المنيل منذ صغرها ،وهى من يومها “طيوبة وحبوبة” ،وكانت تأتى إلى محل الكاسيت لتسألنى عن أهم الألبومات ،وأحدث الاصدارات ،ورغم حداثة سنها فى ذلك الوقت ،إلا أنها أول ما فكرت تسمع “أجنبى” سألتنى عن عدد من الألبومات أحضرتها لها .
ويضيف علاء خليل أن منة كانت تفضل سماع الأغانىSLOW ،وتجيد تذوقها ،فهى “سميعة” بجد ، بالاضافة إلى سماعها للأغانى الكلاسيك الخاصة بفترتى السبعينات والثمانينات ،وهذا يعبر عن تمتعها بحس رومانسى عالى لا يتوفر إلا عند قلبها الفنان.

و لا يعرف أحد أن منة شلبى أدخرت مصروف أسبوع كامل ،وهى فى المرحلة الاعداية لتشترى ألبوم “أوجاع الروح” للموسيقار عمر خيرت ،فقد كانت تحب سماع الموسيقى جدا .

اضطرت منة شلبى أن تدخر من مصروفها لمدة أسبوع كامل لتشترى أول ألبوم موسيقى للموسيقار عمر خيرت ،وكان بعنوان “أوجاع الروح”،وكانت فى المرحلة الاعداية،ولم تكن والدتها تعرف بهذا التصرف.

بل إن منة نفسها قالت فى حديث لها إنها كانت تستمتع لأغانى الفنانة فايزة أحمد وكانت والدتها تجعلها تقوم من أمام التلفزيون وتقول ،واحدة طفلة تسمع فايزة أحمد ،وكانت تحب أن تسمع أغانى عبد الحليم حافظ أيضا .

واستأنف علاء خليل كلامه قائلا: ” منة شلبى شخصية لذيذة ومحترمة ، كانت تنزل إلى المحل ،وتأخذ مجموعة من الألبومات ،تنتقى منها ما يعجبها ثم تعيد الباقى ، ويكون بيننا حساب معلق حتى تأتى مرة أخرى.

وأضاف : لم أكن أتوقع أن تكون منة نجمة سينمائية فى يوم من الايام ،رغم ما لديها من طموح واحساس فنى عالى ،وما أريد أن أقوله أنها استطاعت أن تستغل موهبتها ، وركزت فى عملها ،وأخيرا جاء التوفيق من الله .

حسابات الشهرة

سألت علاء خليل هل غيرت الشهرة منة شلبى؟
فقال : منة شلبى كانت تأتى لشراء “شرائط الكاسيت” بمفردها قبل دخولها مجال التمثيل ،وعندما قامت ببطولة أول لها وهو “الساحر” ، صارت وجها سينمائيا معروفا يتجمع حوله المعجبون فى كل مكان ،وأى مكان ، فلم يعد بامكانها أن تمشى فى الشارع بمفردها ، أو حتى النزول من السيارة ،ويجب أن نعترف أن للشهرة حساباتها ، فقد صار وقتها محدودا أيضا ، فكانت تتصل بى بالتليفون لأحضر لها أحدث الاصدارات من الألبومات ،وتأتى الخادمة لتأخذها ،على أن تدفع حساب الشرائط فيما بعد ،وكانت تتذكر ذلك أكثر منى ،وتدفع ثمنها وزيادة .

وماذا عن علاقات منة وصداقاتها باعتبارها ابنة حى المنيل؟
منة كانت شخصية مرحة ،ولها أصدقاء وصديقات وزميلات دراسة ،وكان الجميع يلتقون على ناصية الشارع ، ويتمشون فى أجواء الحى العريق ،وعلى فكرة كانت الفنانة “حبوبة” وهى صغيرة ، ويسعى الجميع للتعرف عليها ، ولكن بعد أن وصلت للشهرة بدأت الحياة تتغير ،واصبحت هناك قيود تفرضها النجومية ،وهذا لايحدث مع منة وحدها بل يحدث مع كل النجوم.

وما هو الموقف الذى لا تنساه لمنة شلبى ؟
أذكر أننى قابلتها صدفة عند باب “الاسانسير”فى العمارة التى تسكن بها ،فقالت لى “قفشتك” أنت ليك فلوس عندى ،وأصرت على أن تعطينى حساب ما أخذته من ألبومات .
وماذا تقول لمنة بعد فوزها بجائزة مهرجان دبى؟
أقول لها “مبروك ” فهى تستحق أن نحييها ،ونرفع لها القبعات كما يفعل الاجانب لنجمات هوليوود فى المهرجانات ،وهى بالفعل تستحق ذلك ،فلديها شخصية ،وطموح،واصرار .

تركت حى المنيل عائدا بعد أن قضيت أكثر من ثلاث ساعات مع أبناء البلد “الجدعان “، حيث استقبلونا بالحلوى و الشاى ، وهم يتمنون أن يرجع بنا الزمان الجميل للوراء.

تحقيق: صابر العسيلى