الخليج رئيسى

أزمة الانتاج تلاحق الدراما السعودية

تعاني الدراما السعودية من أزمة انتاج واضحة، فبعد أن كان حاجز الإنتاج يتجاوز الـ 15 مسلسلاً في سنوات مضت، تنتجها أكثر من سبع قنوات، أصبح بالكاد يصل إلى سبعة أو ثمانية مسلسلات كما هو هذا العام، حيث لم يتجاوز عدد المسلسلات السعودية التي ستعرض في رمضان المقبل ثمانية مسلسلات فقط موزعة بين ثلاث قنوات فقط هي التي مازالت تثق بالمنتج السعودي وتراهن عليه.

وتأتي قناة روتانا خليجية كأول الداعمين للدراما السعودية بثلاثة مسلسلات ستعرضها في رمضان المقبل، تشترك في طابعها الشبابي ووفرة النجوم، على رأسها مسلسل “42 يوماً” الذي ينتجه ويلعب بطولته الفنان مشعل المطيري ويخرجه عبدالمحسن الضبعان ويتناول قصة غامضة عن طبيب نفسي يأتيه تهديد بالقتل من مصدر مجهول. والمسلسل الثاني هو “شد بلد” للمخرج عبدالخالق الغانم والذي يتناول القضايا الاجتماعية في قالب الكوميديا السوداء، والمسلسل الثالث هو “شباب البومب” للفنان فيصل العيسى والمخرج سمير عارف.

فيما تأتي قناة MBC كثاني الداعمين حيث تنتج مسلسلين هما “سيلفي” للفنان ناصر القصبي، و”حارة الشيخ” للفنان محمد بخش. أما التلفزيون السعودي فسيكتفي بمسلسل وحيد هو “مستر كاش” للفنان عبدالله السدحان، فيما لم يتحدد بعد القناة التي ستعرض المسلسل البدوي “الدمعة الحمراء” المأخوذ من قصة للشاعر الراحل الأمير محمد الأحمد السديري، أما مسلسل حسن عسيري “البيت الكبير” فسيعرض في قناة تركية ولم يتفق بعد على عرضه في قناة عربية.

هذا الانحسار في الإنتاج يعود بالدرجة الأولى إلى انعدام ثقة القنوات في المنتج السعودي الذي لم يستطع الصمود في ساحة المنافسة الرمضانية أمام المسلسلات الخليجية والعربية، وتتضح عدم الثقة هذه في قنوات كانت داعمة قوية للدراما السعودية لكنها ابتعدت تماماً عن التعاون مع الممثلين السعوديين بعد فشل تجاربها معهم، وأهم هذه القنوات تلفزيون دبي وتلفزيون أبوظبي والقنوات الكويتية مثل الرأي والوطن وغيرها، إلى جانب قناة LBC اللبنانية، وهي التي كانت تشتري أي عمل سعودي انطلاقاً من رغبتها في استهداف سوق الإعلان المحلية إلى أن اتضح لها رهانها كان خاطئاً على مسلسلات لا تمتلك درجة الاحترافية المناسبة التي تجعلها في موضع منافسة مع مثيلاتها الخليجية والعربية.

أما القنوات التي لا تزال تحتفظ بدرجة قليلة من الثقة في الفنان السعودي فإنها قللت أيضاً من دعمها بشكل ملحوظ، فالتلفزيون السعودي على سبيل المثال كان ينتج لوحده أكثر من خمسة مسلسلات في عام واحد وبأكثر من عشرين مليون ريال دون أن تحقق نجاحاً يذكر، حصر إنتاجه هذا العام إلى مسلسل واحد فقط وبقيمة إنتاجية لا تصل إلى ثمانية ملايين ريال. في حين استمرت قناة MBC على سياستها المتقشفة تجاه الدراما السعودية في السنوات الأخيرة، مكتفية بمسلسلين فقط، وفق رؤيتها التي ترى أن إنتاج أعمال قليلة بجودة ممتازة أفضل من إنتاج كبير بمستوى سيىء، وقد بدأت في تطبيق هذه الرؤية بعد فشل مشروع الدراما السعودية الذي تبنته القناة بين عامي 2007 و2009 والذي ظهرت من خلاله مسلسلات سعودية غير ناجحة مثل “أيام السراب” و”الساكنات في قلوبنا” و”عذاب” وغيرها.

قناة روتانا خليجية التي مازالت الأكثر ثقة في المنتج السعودي، حافظت على معدل إنتاجها – ثلاثة أعمال سنوياً -، ورغم وفرة المسلسلات التي قدمتها خلال السنوات الماضية إلا أنها لم تحصر ارتباطها بفنان أو منتج واحد بل تعاونت مع أكثر المنتجين السعوديين وخاضت تجارب فنية مختلفة مثل مسلسل “مبتعثات” للمخرجة هيفاء المنصور ومسلسل “الذاهبة” الذي ترجم إحدى أغنيات خالد عبدالرحمن، وهي في رمضان المقبل تقدم قوالب درامية مختلفة مع عبدالخالق الغانم في “شد بلد” كما تقدم تجربة روائية جريئة في مسلسل “42 يوماً” بقصة ذات طابع بوليسي مشوق يظهر للمرة الأولى في الدراما السعودية.

وحتى تعود الثقة بشكل كامل للمسلسلات السعودية، ولكي يعرض الإنتاج المحلي في جميع القنوات السعودية والخليجية مجدداً، فإن الفنان السعودي مطالب بتجويد إنتاجه وبرفع معاييره الإنتاجية إلى الدرجة التي تجعلها تقف في صف واحد مع المسلسلات المصرية والسورية على مستوى الفكرة والسيناريو والتمثيل وجميع الجوانب التقنية من تصوير وصوت وإضاءة وإخراج.